حيدر باشا

بعد يوم طويل في العمل، قررت أن أعود إلى سكني مشياً، المسافة في الباص تستغرق 15 دقيقة تقريباً، فقررت أذهب من طريق جديدة، لأني كنت أريد لقاء صديق لي في مكان في أسكادار، وكان معي بعض الوقت. تجولت في بعض الشوارع الداخلية في اسطنبول، ثم وصلت من إحدى الدخلات إلى الشارع الرئيسي فعرفت أني بخير. وصلت إلى وجهتي إلا أن صديقي لم يكن هناك، انتظرت قليلاً، لم يأت، فرجعت إلى السكن. أكلت العشاء مع الشباب، ثم جلسنا قليلاً، وكانوا فيما فهمت وترجم لي أحد الشباب يتحدثون عن زيارة أردوغان لمصر وتونس وليبيا، وكان بعضهم ينتقد أردوغان لبعض تصريحاته عن العلمانية وطبيعة الدولة التركية، ودافع عنه الآخرون، ولكني فهمت في نهاية المطاف أن المحافظين من التيارات المتدينة في تركيا لا يحبون أردوغان، وينتقدون سياسته المنفتحة فيما يتعلق بالتشريعات والسياسة والاقتصاد وما إلى ذلك. على كل حال، لم ينته النقاش والجدال حتى خرج الشباب من الباب، ثم قررت أنا وعبيد أن نذهب إلى مكان جميل هذه الليلة.

ذهبنا إلى محطة حيدر باشا، وهي مشهورة جداً، ثم ذهبنا إلى منطقة هناك تشبه تكسيم، وفيها العديد من المطاعم والمقاهي الجيدة، وكثير من البارات والنوادي الليلية كذلك. العجيب في أمر النوادي الليلية أن مظهرها وطبيعة الأماكن التي توجد فيها لا توحي للناظر إليها أنها شيء مستهجن أو خطير، وهي تكون جنبا إلى جنب مع المقاهي العادية التي لا تقدم المشروب.

على كل، انتهينا إلى قهوة قديمة جدا، يقال إن صاحبها الأول هو أول من أدخل القهوة إلى تركيا. لا أدري مدى صحة هذا الأمر، ولكن المكان بدا قديما ومعروفاً عند الناس هناك. جلسنا، شربنا قهوتنا، وكانت رائعة، جلسنا قليلاً، ثم تابعنا السير أنا وعبيد، نستكشف هذه المنطقة التي كلما أوغلت فيها ازدادت ظلمة شوارعها وأزقتها.

إسطنبول تزداد جمالاً كل يوم، خاصة حين تزداد ثقتك بشوارعها وطرقها، وتصبح قادراً على تصور خارطة المدينة في مخيلتك. ما زلت في البداية، ولا أعرف إلا جزءاً متناهي الصغر من إسطنبول، ولكني سأبدأ الأسبوع القادم في زيارة بعض المتاحف المهمة في المدينة، وأعيد زيارة مسجد سلطان أحمد وآيا صوفيا.

عطلة نهاية الأسبوع في تركيا  تكون السبت والأحد، جربت اليوم صلاة الجمعة حين تكون في شغل، وتقطعه ثم تعود إليه، وكل الناس تفعل الأمر ذاته. إلا أن طبيعة صلاة الجمعة مختلفة نوعاً ما عما هي عليه في الأردن، بعض الاختلافات ترجع إلى بعض الاختيارات الفقهية بين الأحناف والشافعية على ما أعتقد، إلا أن بعضها يرتبط بثقافة الناس بلا شك. يبدأ الناس التوافد على المسجد قبل الأذان بنصف ساعة، وتكون هناك بعض التسبيحات بشكل جماعي أحياناً، ثم يعطي الإمام درساً قبل الأذان باللغة التركية. عندما يرفع الأذان ترى تغيراً مباشراً في المسجد بأكمله، كل الناس تعتدل في جلستها وتواجه القبلة، كأنهم في صلاة. كما أنه من العيب أن تمد قدميك في المسجد أو أن تنام فيه. يصعد الإمام على المنبر وتكون حركته متوافقة مع بعض الأذكار التي يتلوها شخص آخر، أغلبها صلوات على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

رجع كل منا إلى عمله، ولم أفهم من الخطبة حرفاً واحداً ما عدا الآيات التي قرأها الخطيب.

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

فكرتان اثنتان على ”حيدر باشا

  1. رائع … أصالة الماضي وح]اثة الحاضر
    اسطنبول.ما أجملك…انتظرينا فموعدنا قريب ان شاء الله لنسوح في أرجائك

  2. خبرة حياتية جميلة وشعور رائع.. لا تنسى كتابة يومياتك ما استطعت ولو بضعة أسطر..

    أرجوك لا تنسى تصوير المتاحف التي ستزورها وأخبرنا بمغامراتك فيها بكل التفاصيل..

    صحتين وهنا على القهوة.. بس مين أزكى قهوتنا ولا قهوتهم؟؟!!

اترك رداً على Wedyan إلغاء الرد